اتصال من مجهول بعد منتصف الليل ورحيل في صمت
كانت عقارب الساعة تسابق الزمن وتقترب من منتصف الليل عندما رن جرس لهاتف مشتتا الصمت و السكون الذي يلف المكان .
كان ماجد في حالة بين اليقظة والنوم قفز من سريره متسائلا} سترك يارب ان شاء الله خير {رفع سماعة الهاتف جاءه الصوت من الطرف الأخر قائلا ستندم علي مافعلت ولن اغفر لك هذا لقد تأخرت فتح فاه محاولا الكلام ولكن الصوت اسكته قائلا لااريد أية أعذار او تنصل من المسؤولية واقفل السماعة.
جلس ماجد مستعرضا سنوات عمره محاولا تذكر كل ما قام به او حتى ما قاله باحثا عن أخطائه فكر كثيرا اعتصر لب تفكيره محاولا البحث في خفايا النسيان عن ذلك الشئ فلم يجد ما يعتبره عملا مشينا وترك لخياله العنان ليحلق ويطير الي الزمن الغابر واستغرق في استرجاع الايام الخوالي من عمره الذي اشرف علي النهاية واستعاد ذكريات الطفولة بما حوت ومر الي مرحلة الشباب واستعرض اجمل أيامها فاغلب ذكرياتها ماتزال عاقة بالذاكرة لم تتأثر بتراكم احداث الايام وماسي الزمن مر شريط الذكريات مازال يذكر اول يوم دخل فيه المدرسة وشجاره الدائم مع صديقه فيما بعد ايمن الذي رحل الي العالم الاخر منذ بضع سنوات وشعر بمرارة الفراق وقسوة القدر وبلا وعي احس بدمعة تحاول الخروج فتركها تخترق طريقها عبر خده الذي حفر فيه الزمان اخاديدا عميقه .
وانتقل الي ايام الثانوية التي كان يرسم ويخطط فيها لطموحاته في هذه الحياة ووقوفه لساعات طوال امام معاهد وثانويات البنات مع اترابه منتظرين خروجهن وكلمات الغزل التي كانوا يرددونها ثم مر الشريط بلا رقيب الي سنوات اربع قضاها في الجامعة والتي يعتبرها الفترة الذهبية من حياته تعرف فيها لفتيات وشباب وربطته بالبعض منهن ومنهم صداقات مازالت الي اليوم ولم تؤثر فيها بصمات الزمن .
نظر الي عقارب الساعة كانت تقترب من الثالثة صباحا وفجأة تذكر شئ أزعجه وجعله يتصبب عرقا رغم برودة الغرفة وسرت في جسمه رعدة واحس بنسارع دقات قلبه وفي هذه الاثناء طرق سمعه صوت ..الله اكبر.. الله اكبر..ردد الله اكبر الله اكبر احس بعدها براحة وشعر بكابوس ينزاح عن صدره هدءت نفسه وشعر بارتياح لم يعهده في حياته الطويله تمدد فوق سريره وضع اللحاف عن وجهه وكانه يريد ان لايري سفره الاخير مرت دقائق قبل ان يغفو في سبات ابدي ويرحل من عالم أنهكته سنواته مخلفا وحشة الليالي والايام لغيره حاملا معه لغز المكالمة المجهولة بعد منتصف الليل
اكتشف ابنؤه في الصباح رحيله وحيدا في صمت