العشائر الاردنية هبة الله للاردن .. ونحن مع المتقاعدين العسكريين / بقلم د. احمد عويدي

[Zaid AL-Gharaibeh]

البيان الذي صدر عن المتقاعدين العسكريين يوم أمس 1/5 / 2010 مهم ووطني وضروري وان جاء متأخرا لكنه جاء في نهاية المطاف, ليدلل أن الأردنيين يصمتون طويلا لكنهم لا يصبرون على الضيم والذل والاضطهاد الذي يمارس ضدنا جهارا نهارا .

الذي يريد أن يكون مسؤولا أو حاكما في الأردن بغض النظر عن موقعه ومستواه عليه أن يعرف أن هناك ثوابت عند الأردنيين تصل إلى درجة القدسية , وان المساس بها يعني تحريك المارد الأردني ضد أي حاكم أو حكومة لا يراعي هذه الخصوصيات وهي : المساس بالعرض والمساس بالهوية الوطنية والمساس بالحقوق العامة والخاصة والمساس بالعرف الوطني , والتقليل من شأن الأردنيين , وان يكون فاتح الأبواب وعنده حسن الاستقبال وألا تمتد يده إلى جيوب الأردنيين باسم الضرائب والغلاء وتسديد عجز الموازنة المنهوبة , وألا يهمشهم ويقصيهم عن مواقع القرار.

وأما الأهم من هذا كله فهو عدم المساس بالثقافة الدينية وعدم المساس بالعشائر وعدم المساس بالوطن ومنجزاته وأمنه وقواته المسلحة العاملة والمتقاعدة ولا بانجازات الوطن الأردني , وعدم حرمان الأردنيين من امتيازاتهم في بلدهم , وألا يكون الوطن ساحة مستباحة لمثلث الغم ( غرباء , مرتزقة , مقاطيع / غ م م ).

ومن سوء طالعنا أن جميع الخصوصيات الأردنية صارت تنتهك علنا ورسميا وبدعم من الحاقدين وعلى جميع المستويات وبدون حياء ولا خوف منا وكأننا غير موجودين , ونجد القرارات والقوانين والتعيينات والسفر وتشكيل الحكومات والأعيان والسفراء وقانون الانتخاب من فرز أناس لا علاقة لهم بالأردن ويدخل أهمهم في دائرة مثلث الغم.
وكنت نبهت من تمادي الجهات الرسمية بتهميشنا وإقصائنا عن حقوقنا الطبيعية في بلادنا , ولكن لم يكون معي علنا من احد .

أما اليوم وقد صدر بيان المتقاعدين وانأ متقاعد من الأمن العام برتبة كبيرة , فان ما زرعناه من بذرة الفكر الوطني منذ ربع قرن بدا يؤتي ثماره ويتحول إلى غابة والى نار والى تيار قوي علني من المتقاعدين العسكريين وكلهم أبناء العشائر الذين دافعوا عن الأردن بدمائهم , وصانوه بعيونهم وهم يرونه يذهب نهبا مقسما لحفنة من مثلث الغم ومن يدعمهم ويشكل لهم غطاء سياسيا وعلنا .

فقد كانت الدولة والحكومة عبر ربع قرن في مواجهة فكر احمد عويدي العبادي وحده.

أما الآن فهي بمواجهة فكره الذي ظهر الآن علنا في بيان المتقاعدين العسكريين النشامى الذي بقوا البحصة وأطلقوا اللسان للدفاع عن الأردن والأردنيين في مواجهة المخططات الصهيونية ودعاة الوطن البديل والتوطين والتطهير العرقي للأردنيين, وفي مواجهة الدعوات الرسمية لتدمير البلاد وتحويلها إلى وطن بديل .

هؤلاء هم أبناء العشائر الأردنية وهم ممثلون للعشائر الأردنية بارك الله فيهم وبجهودهم ونشد على أيديهم ونحن جاهزون لنهب معهم هبة رجل واحد كما فعل الآباء والأجداد عبر التاريخ ولا نريد أن نكون إلا مع الوطن الأردني والهوية الوطنية الأردنية والكيان الوطني الأردني والإنسان الأردني, فمن وافقنا على ثوابتنا المذكورة أعلاه فهم منا ومن لم يوافقنا فأظنه قد سلك طريق المغادرة .

وسوف يأتي يوم ليس على مثلث الغم إلا أن يذوب قوانينه وتعليماته وينقعها ويشرب ماءها. فحساباتنا الأردنية لا تتفق مع أي شيء تعمله الحكومات السابقة والحالية . فهم في كوكب ونحن في كوكب آخر . وان الأردن الذي نحبه ونعشقه وندافع عنه ليس الأردن الذي يريدونه ويدعونه, فهو أردن العشائر الأردنية.
العشائر الأردنية هي هبة الله للأردن مثلما هو النيل هبة الله لمصر. والأردن هو هبة الله للعشائر الأردنية مثلما هي مصر هبة الله للنيل بكل ما للكلمة من معنى بما فيها المعنى الحضاري والتاريخي . هذه المفاهيم التي يحاول مثلث الغم الإعراض عنها بين فينة وأخرى , فيخرج بمشروع من هنا أو يتحدث موتور من هناك انه يجب إلغاء اسم الأردن وإلغاء اسم العشيرة الأردنية من الوثائق الرسمية بتحويل الأردنيين إلى أسماء ثلاثية يختلط فيها الحابل بالنابل والدخيل بالأصيل والأعمى بالبصير والغريب مع القريب , والظلام بالنور . وكأننا قطعان في مزرعة لواحد من مثلث الغم .

الحديث عن الأردن يعني الحديث عن العشائر الأردنية . والحديث عن العشائر الأردنية يعني الحديث عن الأردن فهما هبة الله كل منهما للآخر وهما وجهان لعملة واحدة وهما توأمان لا ينفصلان وروح في جسد وجسد فيه روحه , إذا فصلتهما تحلل الجسد وشغرت الروح إلى بارئها . ولا يقبل أردني أن يكون بدون عشيرة ولا بسلخ اسم عشيرته عنه إطلاقا.

فالأردن خضع لاحتلالات واختلالات كثيرة عبر التاريخ وهيمنت عليه دول ولكن عشائرنا الأردنية حررته من هذه كلها وطهرته من كل المستوطنات التي دامت مئات السنين ومن الدول التي دامت قرونا وسوف تؤدي هذا الواجب عاجلا امن آجلا عندما يداهمنا الخطر واراه على الأبواب ومعي يشعر الأردنيون جميعا .

ونحن أبناء العشائر الأردنية أحفاد أولئك الذين دافعوا عن الأردن وحرروه من الفرس واليونان والرومان والصليبيين والأتراك ومن قبلهم ومن بعدهم , وكانت هذه العشائر رائعة في إتباع أساليب مبدعة في كل مرة في صراعها من اجل البقاء , وتحرير أرضها من المحتلين والغاصبين , وجاءت دائما عندما اركن الغزاة والمحتلون واطمأنوا واهمين كما هو شان مثلث الغم الحالي , أن العشائر اندثرت وانتهت , فيقوم عليهم مارد العشائر في كل مرة ولمرة واحدة ويطهر بلاده من قوى الاحتلال عبر التاريخ .

إن انتساب الأردني إلى اسم عشيرته أمر مقدس لدى كل منا , وان من أعظم الإهانة لأي أردني أن تقول له لست ابن عشيرة , بل إنهم إذا ارادوا الاستهزاء بشخص ذكروا اسمه واسم أبيه فقط وسلخوا اسم العشيرة لتعني في مفهومنا انه بدون أصل .

فللعشيرة واسمها عندنا دلالة الهوية الوطنية الأردنية التاريخية المتجذرة , ودلالة تجذر الشخص بالوطن ودلالة عروبته وكرامته . وبالتالي فان سلخ اسم العشيرة عن الأردنيين يعني إعلان الحرب علينا وان ذلك عملية تطهير عرقي لنا من بلادنا وان ذلك يعني أن نتحفز لحماية أنفسنا من مخططات التطهير العرقي والاحتلال الجديد والانتهاب لنا ولبلادنا .

لقد كان الانتماء للعشيرة ولا زال عندنا أمرا مقدسا. بل إننا وعندما تعرضنا للاضطهاد العباسي غيرنا الأسماء ولم نغير العشائر في صراعنا من اجل البقاء , وغيرنا المنازل في حركة كر وفر ولم نغير الأردن , بل بقينا فيه وبقي فينا أو عدنا إليه بعد حين أو أجيال . فالأردني هو أكثر شخص بالعالم يعتز بأردنيته ويعتز بعشيرته واسم عشيرته مهما بلغ من العلم والعلمانية ومهما بلغ من السفه والغلمانية ومهما بلغ من الفضيلة أو الرذيلة . فاسم العشيرة هو هوية التجذر والكرامة الوطنية والعربية بالنسبة لنا وهي تعني انه أردني .

أقول أعلاه بعد أن قرانا عن محاولات استفزازية من الحكومة لشطب أسماء العائلات والعشائر الأردنية من الهوية الجديدة والجواز الجديد. ونقول لهذه الحكومة إن كان لها أذن واعية أو قلب متفهم للوطن أو عقل يفكر بالعواقب قبل الاصطدام بنا نحن العشائر وأبناء العشائر. أقول إذا كان المسؤول بلا أصل ولا عشيرة فليس له حق أن يلغي أصلنا وعشيرتنا وهي المهمة التي عجز عنها الفرس واليونان والرومان وبني العباس وبني عثمان .

. فنحن الأصل ونحن المنيع ونحن الأساس ونحن الأردن ونحن ثوابت الارن ونحن جباله الراسية وأغصانه الباسقة وصخوره القاسية التي تحطم الأسنان والرؤؤس . نحن الذين تحولت عظام أجدادنا إلى فوسفات يباع ليخرج إلى أرصدة هنا أو هناك ولكنها لا تعود لرصيد الوطن . فنحن مأكولون أحياء وامواتا قبورا ورفاتا . ولكن إلى حين .

نحن ليس ذنبنا أن يكون المسؤول نكرة لا يعرف إلا اسم أبيه وجده ولا يدري من أين هو هذا المسؤول ؟ أو انه مولود في بلاد الملح والزيت المحروق , أو انه جاء عاريا فكسوناه أو جائعا فأطعمناه أو هائما فآويناه , فنحن نعرف آباءنا عبر آلاف السنين وبالتالي لا يجوز أن يقوم الدخيل بتغيير اسم الأصيل , ولا النكرات أن يغيروا أسماء الذوات ولا المسؤولين الذين بلا عشيرة بإلغاء أسماء العشائر الأردنية العظيمة التي حمت الأردن في جميع الظروف والأحوال ومن جميع المصائب والأهوال عبر التاريخ .
وليس ذنبنا أن يؤتى بمسؤول بدون رأينا واستشارتنا ويتحول إلى عبقري وهمي كرتوني بالوني منفوخ وهو ليس إلا وهم , وبعد تدميره للبلاد ونهبها يتم التأسف والتأسي أن اكتشافه جاء متأخرا .

هذه الأردن وهذه العشائر الأردنية, ولكل اسم من أسماء هذه العشائر قليلة العد أم كثيرته تاريخ مجيد منذ آلاف السنين في هذا البلد ولا يجوز لمن منحناه الجنسية بالاكتساب من المسؤولين أن يغير أسماءنا نحن الذين منحناه الشرعية والجنسية أقول المكتسبة , وكما منحناه قادرون أن نحرمه منها ونسحبها منه , فعليه أن يكون مسؤولا مؤدبا وان يحترم خصوصيتنا ونقول له : ياغريب كون أديب .

هذه بلدنا الأردن بالجينات الوطنية وليس بالقرارات الوهمية وإياكم وإيقاظ مارد العشائر , فالنفوس مليئة بسبب التعديات علينا والاستفزات التي لا تنقطع ضدنا , ولا تجعلوا تغيير الاسم يتحول إلى القصلة التي تقصم ظهر الجمل .

فاسم العشيرة عندنا يعني الشرعية الوطنية والتاريخية وهذه ليست مزرعة للحيوانات الضالة هذا وطن اسمه الأردن , وله أهل اسمهم الأردنيون وهم العشائر الأردنية ونحن وطنيون قبل أن نكون مواطنين , ونحن وطن ولسنا مستوطنة , ونحن أهل الوطن ولسنا مجرد سكان أو عابرين أو مستوطنين أو نتخذه محطة للتزود بالوقود والنقود , ونحن أردنيون . هل فهمتم أيتها الحكومة التي تتخبط في كل ما تعمل وتقود البلاد إلى الهاوية ؟.

ولا تغركم هذه العمارات والناطحات والأبراج والأموال. إن بيت الشعر أكثر منها ثباتا, وان راعي الإبل والغنم الأردني أو المزارع أو الفلاح أو العجوز الأردنية أو طالب الجامعة أهم واثبت عندنا في المعادلات من أصحاب الأطيان والعمارات والأرصدة واصبر وأشجع في الدفاع عنها من أصحاب الأموال والأبراج.

أيتها الحكومة إذا كانت لديكم أجندة معادية ضد العشائر الأردنية فأنصحكم أن تضبوها وتنقعوها وتذوبوها وتشربوا ماءها , وان تنتظروا إلى يوم القيامة , لأنه كلما جاء جيل أردني , وفقد حماية الدولة له وانعدام العدالة لجأ إلى العشيرة .

فالحكومات هي التي أجبرتنا للعودة إلى أسماء وأحضان العشائر لحمايتنا من عاديات الحكومات والمرتزقة والمقاطع والتنابلة والطراطير الذي يشتموننا ليل نهار ويعتبروننا العدو الأكبر لهم وينظرون إلينا أننا جهلة ونحن علماء وأننا عنصريون ونحن وطنيون. نحن نعرف من هم أصحاب هذه الأجندة الذين يتسربلون بالظلام , ويطلون علينا على أنهم الاحرص على مصالح الأردنيين , ونعرف من يدعمهم وسوف يموتون وسمهم برؤوسهم إن شاء الله .

مطلوب إعلان رسمي , في أن أنباء تغيير الأسماء وشطب العشائر أمر غير صحيح , وإلا فان الأمر يتفاعل لدى العشائر أكثر مما تتصور الحكومة ومما يتصور أصحاب الدهاليز المظلمة الذي لا يريدون بالأردن إلا الشر والوبال .

انهم يحاولون النفخ في ضرام الفتنة وإيغار الصدور وأننا نرد فرديتهم إليهم وننفض يدنا منهم ونزدري بدعتهم وبالباعث الممقوت الذي يحملهم عليها.